القبة الحرارية تُشعل صيف بلاد الرافدين، عندما يضحى صيف العراق اختبارا للصمود
2025-09-08
الأستاذ المساعد الدكتور احمد جسام مخلف
قسم المناخ والارصاد الجوي – مركز اعالي الفرات لأبحاث التنمية المستدامة – جامعة الانبار
مع بداية شهر تموز، دخل العراق في حالة مناخية نادرة تُعرف باسم القبة الحرارية Heat Dome"" التي هي عبارة عن تمركز مرتفع جوي علوي يمنع تدفق الهواء البارد الى الاسفل وحبس الكتل الهوائية الحارّة المسخنة اسفله، هذا النظام المغلق حراريًا يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة يومًا بعد يوم، ليُحول أجواء العراق إلى فرن ضغط جوي ساخن بكل ما للكلمة من معنى. ففي يوم (1 تموز2025) تراوحت درجة الحرارة العظمى بين (39مْ) في غرب العراق الرطبة و (41مْ) في اربيل و (44مْ) في بغداد و (46مْ) في البصرة، بينما سجل في يوم (14 تموز 2025) سجلت محطات العراق اعلى درجات حرارة على مستوى العالم، اذ تظهر البيانات في الشكل ادناه قائمة بأعلى درجات الحرارة المُسجلة خلال 24 ساعة عند الساعة 11:00UT، ( أي الساعة 2 ظهراً بالتوقيت المحلي في العراق)، من بين 8600 محطة على مستوى العالم، حيث تم عرض أعلى 30 محطة منها. النتيجة تُظهر مستوى لافت من التطرف الحراري في مناطق العراق ثم إيران وتليها الكويت، وكما يأتي:
- أعلى درجة حرارة: 50.7°C في مطار البصرة الدولي – مؤشر قوي على اشتداد موجة الحر على العراق كاملاً وبخاصة جنوب العراق.
- غالبية المحطات التي سجلت تطرف حراري ضمن العراق: 25 من أصل 30 محطة على مستوى العالم هي ضمن العراق، مما يوضح تمركز القبة الحرارية بشكل خاص في البلاد.
وتبعا لذلك فانه يلاحظ من توزيع درجات الحرار الآتي:
معظم القيم تتراوح بين 50.7°C الى 48.2°C ، أي جميعها ضمن نطاق يعتبر "خطيرًا" على الصحة العامة، خاصة في ظل التعرض المباشر.
المدن الكبرى مثل بغداد والموصل سجلت درجات قريبة من الحد الأعلى، مما يعني أن موجة الحر لا تقتصر على المناطق الصحراوية فقط وانما تعداها الى المدن وذلك بسوء التخطيط وقلة التشجير واهمال المناطق الخضراء.
الحالة المناخية لصيف العراق في شهر تموز ليس مجرد "حرّ صيفي"، بل نتيجة تفاعل عدّة عوامل مناخية:
- يرتكز المرتفع الجوي العلوي :(Upper Ridge) يتمركز فوق العراق ويمنع تصاعد الهواء الساخن أو قدوم تيارات هوائية أقل حرارة.
- امتداد منخفض الهند الموسمي: يضخ كتلًا هوائية قارية شديدة الجفاف، خاصة من مناطق الخليج وجنوب آسيا، لتزيد من احتباس الحرارة.
- غياب التبريد الليلي: تأثير القبة لا يقتصر على النهار فقط، فحتى أثناء الليل، تبقى درجات الحرارة مرتفعة، ما يزيد من الإجهاد الحراري للسكان، وضغط على منظومة الطاقة الكهربائية.
- موقع العراق الجغرافي بين الأنظمة الصحراوية والهضاب الجافة.
- تعقيد التضاريس المحلية التي تساهم في احتباس الهواء الساخن.
اما تأثيرات هذه الظاهرة الجوية على الإنسان والبيئة، فالقبة الحرارية لا تقتصر آثارها على الشعور بالحرارة فقط، بل تمتد لتشمل:
الصحة العام: ازدياد حالات ضربات الشمس، خاصة بين كبار السن والعمال في الأماكن المكشوفة.
القطاع الكهربائي والمائي: ارتفاع استهلاك الكهرباء بسبب الاعتماد على المكيّفات والمراوح.
ومن الجانب الزراعي: فالارتفاع الشديد في درجات الحرارة ان لم يتلف المحاصيل الزراعية فهو يضرها مما يسبب انخفاض إنتاجيتها، ويضر جودتها.
وفي الجانب المائي: نقص المياه في الأنهار بسبب التبخر العالي، ما يُهدد الأمن الغذائي المحلي.
#جامعة_الأنبار
#university_of_anbar
#مركز_أعالي_الفرات_لأبحاث_التنمية_المستدامة
#Upper_Euphrates_Center_for_Sustainable_Development_Research

 |